كثيرا ما يعتب طلاب العلم على معلميهم عدم تخصيصهم وقتا لكل منهم على حدة ليقرأ كتابا معينا يرغب في دراسته، وقد يكون هناك عتب على بعض العلماء في قلة سخائهم بالعلم وقلة بذلهم وقتهم للمتعلمين ولكن العتب الأكبر في نظري هو على طائفة من المتعلمين لا يرضون بالمتاح أمامهم من فرص التعلم والاستفادة ويبحثون عما هو غير موجود
وتخصيص المعلم وقتا لكل طالب إنما يلزم في إقراء القرآن الكريم ليقرأ كل طالب ختمة كاملة على شيخه إما يحدد له وحده وقتا كل أسبوع أو كل يوم وإما يخصص المعلم وقتا كل أسبوع أو كل يوم يجعله لعدد محصور من الطلاب يتقاسمونه بينهم فيقرأ الأول منهم فالأول حصته المقررة حتى يختم كل منهم ، وكلامي في هذا المقال إنما أردت به إقراء كتب أخرى غير القرآن الكريم ككتب الحديث والتفسير والعقيدة والفقه وغيرها من العلوم الشرعية
فعلى سبيل المثال كثير من العلماء تكون له دروس منهجية يومية في مسجده يشرح خلال الأسبوع عشرة كتب مثلا في مختلف فروع العلم ولو واظب عليها الطالب سنوات معدودات مع المطالعة في الكتب وسماع الشروح الصوتية للمتون المبثوثة في شبكة الإنترنت وغيرها لحصّل علما كثيرا لكن الطالب يريد أن يخصه شيخه بدرس مستقل يشرح له وحده كتابا بعينه ، فإن اعتذر له الشيخ لأنه لا يعرفه ولا يعرف مستواه وقال له احضر مع الطلاب في المسجد لم يحضر معهم واشتكى أن المشايخ منشغلون عن الطلاب
وفي نظري أن العالم معذور عندما يرفض تخصيص وقت لكل طالب على حدة وهو لا يعرف مدى أهلية هذا الطالب وجديته في طلب العلم
ولو أن الطالب حضر مع غيره الدروس العامة في المسجد وواظب عدة سنوات وجد واجتهد ورأى منه شيخه الحرص والجدية والأدب وتبين من خلال نقاشاته أثناء الدروس أنه من النجباء المستحقين لتخصيصهم بوقت فالغالب أن شيخه حينئذ سيصطفيه ليكون من خاصة طلابه ويجود عليه بأوقات خاصة
ولنا في علماء السلف وصبرهم في التعلم أسوة فقد كان بعضهم يقرئ طلابه كل يوم آية واحدة لا يزيدهم عنها كما أقرأ ابن مسعود رضي الله عنه زر بن حبيش رحمه الله القرآن كل يوم آية واحدة حتى ختمه ، وبعضهم لا يحدّث في اليوم بأكثر من ثلاثة أحاديث ، ومع ذلك صبر طلابهم حتى ظفروا ببغيتهم.
وبالله التوفيق |