المؤمن مأمور أن يحسن الظن بالله وفي نفس الوقت هو منهي عن الأمن من مكر الله
والتوفيق بين هذين الأمرين هو أن الإنسان إذا توقع حصول مكروه له في المستقبل فهذا له صورتان :
الأولى : أن يكون توقعه هذا مبنيا على ظنه أنه قصر في الأخذ بأسباب السلامة من هذا المكروه ، كأن يكون الطالب يتوقع الرسوب لأنه لم يذاكر جيدا ، أو توقع هزيمة للجيش لأنه قصر في الأخذ بأسباب النصر الشرعية من التقوى وكونهم نصروا الله والمادية من سلاح وتدريب ونحوه، أو المؤمن يتوقع أن يصيبه بلاء بذنوب عملها وبتقصير منه في الطاعة ، وعند حلول البلاء تجد هذا النوع من الناس حامدا شاكرا ربه أن لطف به ، ويرى أن الله رحمه بأن خفف عنه البلاء ، ويرى العبد أنه لديه من الذنوب والتقصير في الطاعة ما يستوجب أن يحل به بلاء أعظم مما حل به ، فهذا ليس من سوء الظن بالله ، بل هو من الخوف من مكر الله وهو عمل صالح ، وهذا حال المؤمن .
الثانية : أن يكون توقعه هذا مبنيا على شكه في كمال عدل الله ورحمته وكرمه وحكمته ، وذلك بأن يظن المرء أنه قد كمل أسباب قبول الطاعات وأسباب قبول الدعاء وأسباب قبول التوبة ، وأتى بأسباب السلامة من المكروه كما ينبغي ، ولكنه يظن أن الله تعالى لن يجيب دعاءه ولن يقبل عمله ظلما منه سبحانه للعبد ، وتجد هذا النوع من الناس تصدر عنه عبارات عند البلاء تدل على ما في قلبه من الاعتراض على الله كأن يقول لماذا أنا المبتلى مع أني أنا الطائع المجتنب للذنوب وغيري يفعل كذا وكذا من الفسق وهو معافى ، فهذا عياذا بالله قد أعجب بعمله واغتر بنفسه وغفل عن رؤية ذنوبه ، وأساء الظن بربه ، وهذا حال أهل النفاق والضلال .
|